إدارة المشروعات في ظل الأزمات الاقتصادية الراهنة
مما لا شك فيه أن الأزمات الاقتصادية كالانكماش والتضخم تؤثر بشكل سلبي ومباشر على أداء المشروعات بصرف النظر عن القطاع الذي تعمل فيه هذه المشروعات نظراً لترابط القطاعات الاقتصادية مع بعضها البعض كقطاع الخدمات والقطاع الزراعي والصناعي، ويفاقم من آثار هذه الأزمات تفشي وباء كورونا الذي جعل المشهد الاقتصادي العالمي مرتبك وأدى إلى شلل في العجلة الاقتصادية -إن جاز التعبير- نتيجة لانخفاض مستوى الاستهلاك والطلب على المنتجات بشكل كبير، مما جعل هذا الظرف القاهر يمثل تحدياً واختباراً حقيقياً للإدارات العليا في كيفية التعامل مع مثل هذه الأزمات.
وبصرف النظر عن أسباب نشوء أو ظهور الأزمات فإن هذه المقالة تحاول تسليط الضوء على مجموعة من التوصيات المختصرة التي ينبغي لأي إدارة مشروع أن تأخذها في عين الاعتبار:
أولاً: الاستعداد المسبق للأزمات
تساهم دراسة وتحليل المؤشرات الاقتصادية بشكل دوري ومستمر في تحديد بداية الأزمة قبل تفاقمها ووصولها إلى مرحلة متقدمة وبالغة التعقيد، وبالتالي فمعرفة هذه المؤشرات توفر الوقت الثمين لمدراء المشروعات للعمل على تفادي الأزمات أو تقليص تأثيراتها على أقل تقدير، وبالرغم من أن المؤشرات هي عبارة عن تقييمات ماضية للأداء إلا أنها تساعد الإدارة في اتخاذ قرارات استراتيجية سليمة فيما يتعلق بمستقبل ومسار المشروع. إضافة إلى ذلك، فإن إدخار جزء من إيرادات المشروع بشكل منتظم كإحتياطي طوارئ يساهم أيضاً في مساعدة الإدارة على التعامل مع الأزمات التي قد تحتاج إلى توفر سيولة مستعجلة في الغالب.
ثانياً: إعداد الخطط المرنة
يتم وضع الخطط المالية والتسويقيّة وغيرها من الخطط اللازمة لغرض تحقيق الأهداف المحددة للمشروع، وفي هذا السياق يجب أن تتسم الخطط بالمرونة الكافية من أجل أن تتيح للإدارة مساحة لتعديل الخطط بما يتماشى مع الأزمات أو الظروف الطارئة التي لم تكن في الحسبان أثناء عملية التخطيط. ويفضل الاستعانة بالمختصين أو الاستشاريين ذوي الخبرة عند وضع الخطط وتحديد الفترة الزمنية المطلوبة لتنفيذها.
ثالثاً: تقليص التكاليف
كما ينبغي على الادارة أن تستخدم الموارد المالية المتاحة بكفاءة عالية وخصوصاً في وقت الأزمات، وذلك بما لا يؤثر على مستوى الجودة المطلوبة، حيث أن الموارد المالية تعتبر من أهم المصادر المطلوبة من قبل كافة أقسام المشروع أثناء التشغيل، وتلعب دوراً بارزاً في تحقيق الأهداف. وثمة أمر آخر يتمثل في التطورات التكنولوجية والتقنية المتسارعة التي تعتبر في غاية الأهمية بالنسبة لاستمرار المشروع وتكيّفه مع المستجدات في البيئة المحيطة بالمشروع، إلى جانب أن التقنيات الحديثة تساعد المشروعات على تقليص التكاليف الثابتة أو المتغيّرة وتحسين الجودة في نفس الوقت.
رابعاً: التفكير الإبداعي
إيجاد الحلول والبدائل الملائمة عند التعامل مع الأزمات يتطلب توفر الأفكار الإبداعية، لذا فإن المشروعات الناجحة تسعى دائماً لاستقطاب العقول والموارد البشرية التي تتصف بالقدرة على التفكير الإبداعي من أجل التعامل مع الظروف الطارئة بسرعة وفاعلية.
وأخيراً فإنه من الملاحظ في ظل النظام الرأسمالي الذي يتسم بالتقلبات المفاجئة وعدم الاستقرار أنّ الأزمات الاقتصادية متكررة بشكل دوري لعدة أسباب لعل من أبرزها عدم توفر العدالة في توزيع الثروة وفي نظام الضرائب، وبالتالي فإن حدوث أزمات ركود أو كساد اقتصادي في المستقبل القريب واردة جداً، لذلك ينبغي على مدراء المشروعات الاستعداد المسبق والبحث عن الفرص التي قد تخلقها مثل هذه الأزمات.